أحمد عبد السلام المحامي للاستشارات القانونية والمحاماة والتحكيم يرحب بكم
عرض الموضوع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 20 من يناير سنة 2010م، الموافق 5 من صفر سنة 1431هـ ، فتبين لها أن الدستور ينص في المادة (65) على أن “تخضع الدولة للقانون……”، وفي المادة (86) على أن “يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ويقر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على الوجه المبين في الدستور”، وفي المادة (95) على أنه “لا يجوز لعضو مجلس الشعب أثناء مدة عضويته أن يشتري أو يستأجر شيئاً من أموال الدولة، أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أمواله أو أن يقايضها عليه، أو أن يبرم مع الدولة عقداً بوصفه ملتزماً أو مورداً أو مقاولاً”، وأن قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 59 لسنة 1981 ينص في المادة (179) على أنه ” لا يجوز لعضو مجلس الشعب أو مجلس الشورى أن يعين في مجلس إدارة شركة مساهمة أثناء عضويته إلا إذا كان أحد المؤسسين لها، أو كان مالكاً لعشرة في المائة على الأقل من أسهم رأس مال الشركة، أو كان قد سبق له شغل عضوية مجلس إدارتها قبل انتخابه، ويكون باطلاً كل عمل يخالف حكم هذه المادة، ويلزم المخالف بأن يؤدي ما يكون قد قبضه من الشركة لخزانة الدولة وأن اللائحة الداخلية لمجلس الشعب تنص في المادة (374) على أنه ” لا يجوز للعضو فور إعلان انتخابه أن يقبل التعيين في إحدى الشركات الأجنبية أو المشروعات الخاضعة لقانون استثمار رأس المال العربي والأجنبي ولا أن يقبل عضوية مجالس إدارة الشركات المساهمة أو مجالس المراقبة في شركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، إلا إذا كان أحد المؤسسين أو مالكاً لعشرة في المائة على الأقل من أسهم رأس مال الشركة أو كان قد سبق له شغل عضوية هذه المجالس قبل إعلان انتخابه”.
كما تبين للجمعية العمومية أن شركة خدمات البترول البحرية، وطبقاً لما ورد بنظامها الأساسي، هي شركة مساهمة مصرية بنظام المناطق الحرة الخاصة طبقاً لأحكام القانون رقم 7 لسنة 1998 بشأن ضمانات وحوافز الاستثمار، تأسست عام 2001، وهي شركة مملوكة لكل من الهيئة العامة للبترول وشركة المشروعات والاستشارات الفنية ( بتروجيت) والشركة الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية (إنبي) بالإضافة إلى صندوق الإسكان والخدمات الاجتماعية بقطاع البترول.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم – وحسبما جرى عليه إفتاؤها – أن مبدأ خضوع الدولة للقانون الذي أقره الدستور، مؤداه تقيد الدولة في ممارستها لسلطاتها بقواعد قانونية تعلو عليها، بحيث تغدو هذه القواعد قيدا على كل أعمالها وتصرفاتها، وأن مجلس الشعب المنوط به سلطة التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية قد كفل له الدستور والقانون الضمانات التي تحفظ له استقلاله والضوابط التي تحول دون ما يؤثر في هذا الاستقلال، ومن بين هذه الضوابط ما جاء بنص المادة (179) من قانون شركات المساهمة والتوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، من حظر تعيين أعضاء مجلس الشعب أو الشورى في عضوية مجالس إدارة الشركات المساهمة إلا في الحالات الواردة فيه على سبيل الحصر، وتقرير جزاء البطلان على كل عمل يخالف هذا الحظر مع إلزام المخالف برد ما يكون قد قبضه من الشركة إلى خزانة الدولة، وقد تغيا المشرع بذلك أن يسمو بأعضاء مجلس الشعب أو الشورى عن مواطن الشبهات ومظان استغلال النفوذ، فحظر عليهم عضوية مجالس إدارات الشركات المساهمة أثناء اضطلاعهم بمهامهم النيابية نأيا بهم عن كل ما يؤثر في قيامهم بهذه المهام على الوجه المنشود، ولم يرفع هذا الحظر إلا في حالات ثلاث قدر فيها انتفاء شبهة التأثير أو مظنة الاستغلال، وهى أن يكون عضو مجلس الشعب أو الشورى أحد مؤسسي الشركة أو مالكا لعشرة في المائة على الأقل من أسهم رأسمالها أو سبق له شغل عضوية مجلس إدارتها قبل انتخابه.
واستبان للجمعية العمومية أن المشرع في مقام حظر تعيين أعضاء مجلس الشعب أو الشورى فى مجالس إدارة الشركات المساهمة فرض الالتزام بهذا الحظر على جميع هذه الشركات أياً كانت القوانين الخاضعة لها، وهو ما أكدته المادة (374) من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب التي حظرت على العضو أن يقبل التعيين في إحدى الشركات الأجنبية أو المشروعات الخاضعة لقانون الاستثمار أو عضوية مجالس إدارة الشركات المساهمة.
وخلصت الجمعية العمومية مما تقدم إلى أنه لما كان الثابت من الأوراق أن السيد الدكتور محمد إبراهيم سليمان، انتخب عضواً بمجلس الشعب في الدورة البرلمانية 2005 /2010، وصدر قرار وزير البترول بضمه إلى عضوية مجلس إدارة شركة خدمات البترول البحرية بتاريخ 29/6/2009، وعين رئيساً لمجلس إدارتها وعضواً منتدباً اعتباراً من 1/7/2009 ، ومن ثم فإن ضمه لعضوية مجلس إدارة الشركة وتعيينه رئيسا لمجلس إدارتها ، على الرغم من عضويته بمجلس الشعب، هو أمر غير مشروع لمخالفته للحظر الوارد في المادة (179) المشار إليها والتي قررت بطلان كل عمل يخالف هذا الحظر مع إلزام المخالف برد ما قبضه من الشركة إلى خزانة الدولة.
ولا وجه للقول بأن الأحوال المستثناة من الخضوع المنصوص عليها فى المادة (179) المشار إليها لم ترد على سبيل الحصر، ذلك أن عبارة النص جاءت واضحة جلية قاطعة الدلالة في تقرير الحظر وأحوال الاستثناء منه، ومن المسلم به أن الاستثناء لا يقاس عليه وإلا كان ذلك إضافة لاستثناء جديد على خلاف ما أراده المشرع، الذي عدد حالات الاستثناء تعداداً يفيد الحصر.
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم مشروعية تعيين الدكتور محمد إبراهيم سليمان، عضو مجلس الشعب، رئيساً لمجلس إدارة شركة خدمات البترول البحرية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب.
ملف رقم – 86-6-647-جلسة 20-1-2010 “